تابع جديد المدونة عبر:

هذه هي قصة سوق المناخ وهذه هي أسباب الأزمة

نطرح قصة أزمة سوق المناخ الآن لعدة أسباب أهمها:

أن أغلب أو عموم المتداولين في البورصات الخليجية اليوم ممن لم يعا يشو هذه الأزمة بتفاصيلها، بل لا نكون خاطئين إذا قلنا أن كثيرا من مديري المحافظ وممن يتداولون بمبالغ طائلة ممن لم يعايش هذه الأزمة، فإذا ما قلنا أن مواليد منتصف الستينات يبلغون الآن الأربعين من أعمارهم وقد كانوا لم يتجاوزوا الخامسة عشر في عام 1982 ( وهو عام أزمة سوق المناخ ) ومما لا شك فيه أن في دول الخليج رجالا وشبابا في مثل هذه السن يتربعون على عرش شركات الاستثمار وبنجاح أبهر الكثيرين في العالم، بل وأكثر من هذ ا، ان كثيرا من شبابنا ممن هم أصغر من هذه السن باتوا محل أنظار العالم لنجاحاتهم في القطاع الخاص وهو ما لا يستطيع أحد إنكاره..

ومما دعاني لإعادة سرد قصة أزمة سوق المناخ – أن شرائح كبيره في المجتمع الخليجي ، بات يراقب ويستثمر في الأسواق المالية سواء كان على معرفة بطرق الاستثمار فيها أم لا، وسواء كان اتخذ أياً من الاحترازات أم لا، وهذا ليس عيباً طبعاً، لكنه يوجب الحذر من العواقب.

نبذه تاريخيه

يعتبر سوق المناخ من الأسواق التجارية القديمة في الكويت، قامت بإنشاءه بشكله الحالي إحدى الشركات الاستثمارية في دولة الكويت. وفي السابق كانت الإبل القادمة من نجد والشام والعراق والإحساء والصحراء تناخ فيه وهي محملة بمختلف أنواع البضائع مثل العرفج والحطب والدهون والأقط والجلود وغيرها. ومن هنا جاء اسم سوق “المناخ” والشعار الخاص به.

قصة أزمة سوق المناخ

تأسست أول شركة مساهمة عامة كويتية عام 1952 ثم تبعها إنشاء شركات أخرى وبوتيرة بطيئة، وكان الاعتقاد عند المساهمين أو عموم الناس أن المساهم في هذه الشركات لا يستطيع الخروج منها ببيع أسهمه متى شاء، بل كانوا يعتقدون أنه شريك ليس بإمكانه الخروج من الشركة في أي وقت، ولم يكن تداول هذه الأسهم إلا عن طريق سماسرة العقار الذين يعرضون هذه الأسهم على التجار واحداً واحداً، ويحاولون إقناعهم بجدوى شراء هذه الأسهم، إذ لم يكن عموم الناس يعرفون ماهية الشركات المساهمة وكيفية الاستثمار فيها وجدواه.

واستمر الحال على ما هو عليه دون وجود سوق رسمي لبيع وشراء أسهم الشركات المساهمة العامة، إلا أنه وبنشاط بعض التجار أصبحت عمليات البيع والشراء أكثر مرونة، إذ قام بعضهم باصدار نشرة أسبوعية لبيان سعر الأسهم سواء ما تم عليه تداول، أو تقييم ما لم يتم عليه تداول، ونشط كثير من السماسرة في عمليات التوسط للبيع والشراء كما استقطبت هذه العمليات كثيرا من المتداولين.

واستمر العمل بهذه الطريقة وبغير رسمية الى السبعينات، وبعدما أصبح التداول في هذه الأسهم منتشراً إذ قامت وزارة التجارة بالاجتماع مع مكاتب سماسرة الأسهم في سرداب بلوك 5 في المنطقة التجارية الثانية مقابل مسجد السوق في المباركية، وكان عددهم 20 مكتباً وأصبح هذا السرداب هو السوق الرسمي لتداول أسهم الشركات المساهمة العامة، وعينت الوزارة مراقباً لهذا السوق وكانت الأسعار تدون على سبورتين بالطباشير وأصدرت الوزارة ايصالات بيع وشراء الأسهم التي حلت محل دفاتر السماسرة العقارية، وقد صدر القانون رقم 32 لسنة 1970 بشأن تنظيم تداول الأوراق المالية للشركات المساهمة كما تبع هذا القانون قرار بشأن بيع الأوراق بالأجل.

وفي عام 1977 تعرض السوق لأزمة حيث هبط مستوى النشاط بنسبة 66 % لاشتمال عمليات البيع والشراء على كثير من المخالفات خاصة في بيوع الأجل وهو ما دعا وزارة التجارة الى إصدار قرارات بإيقاف تأسيس الشركات المساهمة العامة بصورة مؤقتة وإيقاف تداول أسهم الشركات الخليجية لمدة محددة وغيرها من القرارات.

وبعد صدور هذا القرار نشطت عملية إنشاء شركات مساهمة مقفلة وإنشاء شركات خليجية، كما نشطت عمليات بيع وشراء أسهم هذه الشركات في سوق غير رسمي هو سوق المناخ الذي كان يضم مكاتب عقارية، وأصبحت مكاتب سماسرة العقار مكاناً لتداول أسهم الشركات المقفلة وأسهم الشركات الخليجية التي كان يمنع القانون تداول أسهمها إلا بشروط وضوابط لم تراع.

وبتحسن أوضاع السيولة في البلاد كان هناك ما يقارب (46 شركة مساهمة عامة ) تتداول أسهمها في السوق الرسمي، كما كان هناك (70 شركة مساهمة مقفلة وخليجية ) يتم تداول أسهمها بطريقة غير رسمية في سوق المناخ عبر سماسرة العقار، وقد اتسم عام 1981 بأداء عال لهذه الأسهم وأصبح التداول بالأسهم يستقطب كل أو عموم أفراد المجتمع، وشهد الربع الأخير لعام 1981 ارتفاعاً مهولاً في قيمة الأسهم وحجم التداول في كل من السوق الرسمي – البورصة – وفي السوق غير الرسمي – المناخ – بل ان سوق الكويت كان في الترتيب الثامن عالمياً من حيث حجم التداول، كما تعدى التداول في بعض الأسابيع ببورصة الكويت حجم التداول في بورصة لندن.

وكانت الصورة القائمة في هذا الوقت وجود سوق رسمي لتداول الأسهم وفق الشروط والضوابط الموضوعة من وزارة التجارة، وهناك سوق غير رسمي (سوق المناخ) تتم فيه تداولات كبيرة للأسهم غير الجائز تداولها، وللتراخي من قبل وزارة التجارة في مراقبة البيوع غير الرسمية في سوق المناخ نشطت بيوع الأجل وأصبحت هذه البيوع طريقة للتمويل باهظ الفائدة أو التكلفة، وفي عام 81 – 82 وصلت الفروق بين السعر النقدي والآجل الى 40 %، 70%، 80 % وفي أوائل 82 وصلت هذه الفروق الى 400 % بمعنى كان المتداول يشتري عشــــرة ملايين سهم بسعر 1 د.ك مثلاً للسهم الواحد، على أن يسدد هذه القيمة بعد سنة مثلاً ويصدر للبائع شيكاً بهذا المبلغ، ثم يقوم ببيع أسهمه في اليوم نفسه أو بعد عدة أيام بمبلغ 250 فلسا للسهم رغبة منه في توفير سيولة نقدية ويقوم هذا المشتري بشراء أسهم أخــرى يبيعها بالأجل لمدة 8 أشهر مثلاً بـ 12 مليونا ظناً منه أنه سيقوم باستلام قيمتها بعد 8 أشهر ويستثمرها لمدة شهرين ثم يسدد لصاحبه الأول قيمة الشيك الذي أصدره.وهكذا بدأ التعامل في هذه الفترة في سوق المناخ ببيوع آجلة بأسعار خيالية رغبة في السيولة.

وجراء هذا التدافع للربح السريع زاد عدد المضاربين في السوق وارتفعت الأسعار ارتفاعاً غير منطقي فزاد حجم التداول حيث بلغ 255 مليون سهم في البورصة الرسمية، و208 مليارات سهم في سوق المناخ.

وفي صيف عام 1982 انفجرت الأزمة عندما عجز عموم المتداولين عن سداد قيمة شيكاتهم ولأن الكل يداين الكل والعموم مدين لبعض انهارت أسعار الأسهم انهياراً كاملاً وتدنى التداول الى أقل مستوياته وأصبحت جميع أموال المتداولين ما هي إلا ورق وشيكات غير قابلة للتحصيل. ودخلت البلاد واقتصادها في متاهة قانونية ومالية أودت بالمراكز المالية لعموم المجتمع كما ذهبت معها رؤوس الأموال وتبخرت.

ومع صدور مراسيم وقوانين بتنظيم سوق الأوراق المالية وافتتاح مبنى السوق الجديد في عام 1984 وأعلنت إجراءات جديدة للبيع والشراء إلا أن الأسعار انهارت وبدت المشكلة أكثر تعقيداً، وأغلق وقتها سوق المناخ وتم تداول الأسهم الخليجية في السوق الموازي. إلا أن ديون البيع بالأجل كانت ثقيلة وتخلف الكل عن سداد ديونه وقامت الدولة وقتها بوقف العمل ببعض مواد قانون الجزاء الخاصة بتجريم إصدار الشيك من غير رصيد وأنشأت هيئة تحكيم لتبت بالعاجل في القضايا، كما أنشأت مؤسسة تسوية معاملات الأسهم التي تمت بالأجل لحل القضايا وتسوية الديون ولو لم يكن هذا لدخل عدد كبير وكبير جداً من المتداولين السجن.

العوامل التي أشعلت الفتيل

1) عدد الشركات الكويتية المساهمة المقفلة التي أسست منذ عام 1981 وما رافق قيامها من تداول غير مشروع لأسهمها، وذلك خلافاً للقانون الذي يمنع تداول أسهم الشركات المساهمة المقفلة قبل مرور ثلاث سنوات على تأسيسها.

2) تزايد تأسيس الشركات الخليجية وتداولها في سوق المناخ، حيث بلغ عدد الشركات الخليجية التي كانت تتداول أسهمها في سـوق المناخ ( 42 شركة).

3) غياب الضوابط وعدم تنظيم التداول في سوق المناخ، وكان يجب أن تكون هذه إحدى مسؤوليات وزارة التجارة والصناعة، ممثلة في إدارة سوق الأوراق المالية.

4) لم يكن تأسيس الشركات مبنياً على أسس اقتصادية مدروسة ودراسات جدوى اقتصادية سليمة، وكانت أرباح التعامل في الأسهم بسبب المضاربة وكان معظم المؤسسين يبيعون حصصهم في أول عملية مضاربة خلافاً للقانون.

5) تساهل البنوك المحلية في تقديم التسهيلات الائتمانية من سحب على المكشوف وقروض بلا ضمانات، وبضمانات شخصية، أو بضمان الشيكات المؤجلة، وخصم الشيكات المؤجلة المستعملة لشراء الأسهم في سوق المناخ للشركات تحت التأسيس، مما ساعد على تأمين سيولة كبيرة لدى المتعاملين في سوق المناخ للمضاربة، كما لعبت كذلك شركات الصيرفة دوراً كبيراً في عمليات الإقراض وخصم الشيكات المؤجلة.

6) عدم وجود رقابة فعالة من قبل البنك المركزي على التسهيلات التي قدمتها البنوك التجارية وشركات الصيرفة، مما نتج عنه المديونية الضخمة التي عانت منها البنوك فترة طويلة من الزمن.

7) انعكست وظيفة السوق من جذب مدخرات الأفراد واستثمارها وتحويلها الى مراكز للإنتاج، ومصادر متجددة للدخل الى مضاربات واتفاقات نفعية بين كبار المتعاملين في السوق بغرض الإثراء السريع، على حساب صغار المدخرين.
8) استغلال ثغرة في القانون الكويتي التي تسمح للبنك بصرف الشيك الآجل بمجرد تقديمه للبنك، وعدم الانتظار حتى تاريخ الاستحقاق.

9) تزايد البيع الآجل للأسهم بمعدلات عالية، وبأسعار فاقت قدرات المتعاملين المالية، وأصبح وسيلة من وسائل التمويل الباهظ التكلفة، الذي لجأت إليه مجموعة من المضاربين لتأمين سيولة نقدية لديها لدفع ما يستحق عليها من شيكات مؤجلة.

10) عدم وجود بيانات مالية منشورة كافية، حيث إن القرارات الوزارية لم تعالج مشكلة الإفصاح في القوائم المالية والبيانات التي يجب إن تمثل الحد الأدنى في نشر البيانات المالية، وعدم وجود معايير للمحاسبة والمراجعة ، وتفاوت البيانات التي توفرها الشركات لمساهميها من شركة لأخرى، واحتكار البعض للبيانات للاستفادة منها على حساب الآخرين وعدم وجود بيانات منشورة عن سوق المناخ.

يتسأل بعض المهتمين بالأسواق المالية لماذا ندرس الإحداث السابقة ومالفائده المرجوة من إعادة سرد قصة سوق المناخ أيها الأخوة الكرام الخبرات السابقة لا تضيع.. ما حدث معك بالأمس يتكرر اليوم. وما يحدث معك اليوم سيتكرر غدًا.. وهكذا.

ومن هنا جاءت أهمية دراسة التاريخ ،   فالأحداث السابقة تتكرر دائماً, وبصورة تكاد تكون متطابقة، فليس هناك جديد على الأرض. فإذا درسنا التاريخ وعرفنا أن حدثاً ما قد مرَّ قبل ذلك، وكانت فيه نفس الظروف والملابسات التي تواكب حدثاً نعيشه الآن، فإننا نستطيع أن نستنتج النتائج ، دراسة التاريخ بهذه الطريقة، تجعل التاريخ حياً ينبض. أنت تقرأ لتتفاعل، لا لمجرد التسلية أو الدراسة الأكاديمية البحتة.

 دراسة التاريخ بهذه الصورة لها هدف واضح هو الاستفادة من أخطاء السابقين

 بعض الملاحظات علي السوق في تلك الفترة

1) جميع الشركات استثمرت جزءا من مواردها في المضاربة بالأسهم، كما أن معظم الشركات تعاملت بشيكات آجلة، واعتبرت أرباح البيع محققة في تاريخ البيع وقبل تحصيل المبلغ.

2) معظم الشركات لم تتوقع حدوث الأزمة رغم وضوح معالمها وفق المعايير المحاسبية الاستثمارية.

3) لم تكن هناك سياسات مالية متحفظة، بل ان الشركات تعاملت مع الديون حتى بعد حدوث الأزمة على أنها ستسدد بالكامل.

4) وبالنسبة للشركات المقفلة فان معظمها أسس في فتــرة انتعاش السوق و 60 % من هذه الشركات كانت ذات أغراض عقارية وكلها خالفت أغراض تأسيسها وإنشائها وتعاملت بالأسهم مضاربة وقد تداولت نسبة التعامل بالأسهم بين 40%، 90 % من رأسمال هذه الشركات، وأغلب هذه التعاملات تمت بشيكات آجلة وبمبالغ طائلة تحولت بعدها الى لا شيء.

5) كذا الحال بالنسبة للشركات الخليجية – وهي شركات أسست في دول الخليج من قبل مستثمرين كويتيين – بعد أن وضعت وزارة التجارة ضوابط لتأسيس الشركات في الكويت، وكما سبق شرح ذلك تفصيلاً فان معظمها كان عقارياً وتعاملت باغلب رأسمالها في المضاربة بالأسهم.

6) لم يكن لوزارة التجارة دور رقابي على الشركات ومدى التزامها بإغراض إنشائها، كما لم يكن لها دور في منع تداول الأسهم الممنوع تداولها.

7) كما أن الوزارة لم يكن لها دور في دراسة جدية وجدوى إنشاء الشركات، إذ ان المعلوم أن أغلب الشركات التي انشئت في هذه الفترة كانت شركة ورقية لم يكن لها نشاط فعلي سوى المضاربة بالأسهم، وكان كثير من مؤسسي هذه الشركات يبيعون أسهمهم بعد التأسيس ويخرجون من الشركة رغبة في تحقيق الربح السريع.

8) بعد تفجر الأزمة قامت الحكومة بعدة إجراءات من بينها وقف عمليات البيع الآجل وأسست شركة المقاصة التي قامت بحصر وتسجيل المعاملات المتعلقة باسهم الشركات التي تمت بالأجل، وقد بلغ عدد الشيكات والمعاملات 28815 شيكاً آجلاً قيمتها حوالي 26,7 مليار دينار كويتي تخص 6031 متعاملاً وهذا المبلغ أكثر من أربعة اضعاف الناتج المحلي الإجمالي للكويت وقتها.

وكان لهذا الحصر دور كبير في تسهيل عمل لجان التحكيم التي أنشئت للفصل في المنازعات المتعلقة بهذه المعاملات.

هل لأزمة المناخ أن تعود ؟

قطعاً الجواب: لا، فان الأزمة لا يمكن لها أن تعود بكل آثارها ومشاكلها، ذلك أن سببها كان خللاً تنظيمياً بحتاً أو عدم التزام بالقوانين والقرارات المعمول بها، ومما لا شك فيه أن الوضع اليوم قد تغير فقد تنظمت الأمور إلى حد كبير يمنع وقوع أزمات كأزمة المناخ، ولكن مما لا شك فيه أن بعض آثار هذه الأزمة، أو بعض جوانبها قد يعود لوجود جزء من أسبابه ولوجود بعض الخلل في الأنظمة أو قصور في التشريعات أو لعدم الالتزام بالقرارات وعدم ردع المخالفين، ولأهمية هذا الموضوع سوف نعرض لبعض أسباب الأزمة التي لا تزال موجودة حتى ولو بجزء بسيط.

خروج الشركات أو المؤسسين

قد يكون هذا مثالا غير واقعي، لكنه يقع ويقع كثيراً في الحياة العملية مع تحفظنا على أنه ليس ظاهرة منتشرة الآن، ذلك أن بعض المستثمرين يقومون بإنشاء شركات مساهمة ثم تدرج في السوق الرسمي، ويتعمد هؤلاء وبدعم منهم لتوصيل سعر السهم في بداية إدراجه إلى أسعار مرتفعة لتصريف أسهمهم على الغير والخروج من الشركة سواء كان هذا الخروج بعد مدة محددة أو غير محددة، ويكون هؤلاء المستثمرون قد حققوا مكاسب كبيرة نتيجة تصريف هذه الكميات من الأسهم، وذلك كله بعد عمليات إعلامية كبيرة توهم بقوة مركز الشركة وعظيم الأرباح التي سوف تتحقق.

وهنا نشير إلى وجوب وضع قيود لخروج الشركاء والمؤسسين إما بالمدد الزمنية أو بالشروط الموضوعية، وإن كانت هذه القيود تعتبر تقييدا لحرية الأفراد في التصرف بأموالهم، الا أنها تحتاج الى دراسة للوصول الى اقتراحات تحفظ حقوق المستثمرين والمؤسسين على حد سواء.

مراقبة إنشاء الشركات ودراسة مدى جديتها وجدواها وصدق بياناتها

إن جزءا كبيرا من الشركات التي أنشئت فترة انتعاش سوق المناخ كانت شركات ورقية ليس لها نشاط جدي ومثمر، وكان الهدف من إنشائها جمع رأس المال والمضاربة بالأسهم ليس الا، ومما لا شك فيه أن مراقبة إنشاء الشركات ودراية وتمحيص نشاطها والتأكد من شفافية المعلومات المحاسبية التي سوف يعتمد عليها المستثمرون أمر في غاية الأهمية لابعاد الشركات الورقية عن العمل على ضرب الاستثمار.

الإقفالات والطلبات الوهمية والأرباح غير المحققة

قد تكون هذه أسباب لا يمكن التحكم فيها ولا يمكن مراقبتها، لكن يجب على المستثمرين معرفة هذه الأمور ووضعها في الحسبان حال رغبتهم في الاستثمار، ونعني هنا أن بعض الشركات قد تتبع أساليب لا تتمتع بالشفافية إما بالنسبة للاقفالات الوهمية أو بنشر وإذاعة الأخبار التي لا تحاكي لب الحقيقة تماماً وكذا الحال بالنسبة للأرباح غير المحققة

الأصل في شراء الأسهم الاستثمار لا المضاربة

لو نظرنا إلى فلسفة تحقيق الأرباح من شراء الأسهم نجد أن الأصل هو الاستثمار لا المضاربة، ذلك أن تأسيس الشركات المساهمة المقصود منها هو توفير رأسمال كبير بإدارة ناضجة لإنشاء المشاريع والتجارة، ولو فرضنا أن شخصاً يمتلك مبلغا من المال ولا يستطيع بهذا المبلغ إنشاء مشروع خاص به أوليس له وقت أو دراية بأصول التجارة فيقوم بالاشتراك مع غيره – بشراء أسهم هذه الشركات – رغبة في عائد مجز له، وعادة ما يبحث المستثمرون عن شركات يظنون أن عوائدها سوف تكون جيدة ويستثمرون فيها، ومع تقدم الوقت يحققون الأرباح ويرتفع سعر الأصل في هذه الشركات كما هي العادة في التجارة، وهذا هو الأصل في شراء أسهم الشركات المساهمة، وقد وضع القانون مخرجاً لكل مساهم متى ما رغب في بيع أسهمه، اما لحاجة طرأت أو لوجود فرص أخرى ببيعها، إذا فالأصل في شراء أسهم الشركات المساهمة هو الرغبة في الاستثمار وتحقيق الأرباح السنوية المعقولة وفق معايير معينة.

ولا ننكر هنا أن المضاربة باب مشروع من أبواب تحقيق الأرباح لكنها ليست الأصل، كما أنها عملية فنية بحتة تحتاج الى كثير من الدراسة والمعلومات والقدرة على الدخول والخروج على الأسهم. ومن الملاحظ أن مثل هذه الفلسفة قد غابت عن ذهن كثير من المتداولين لأنهم يظنون أن الأصل في شراء الأسهم هو أن تشتري اليوم لتحقق الربح بعد فترة وجيزة وهكذا بتكرار هذه العملية.

 والمشكلة لا تكمن في وجود المضاربات لأنها كما قلنا باب مشروع، لكن المشكلة في أن تكون هذه المضاربات هي الأصل في تحقيق الأرباح من شراء الأسهم وأن يغيب عن ذهن المتداولين خطورتها وأنها استثناء وليس الأصل، كما يغيب عنهم مدى الأرباح التي يمكن أن تتحقق في الاستثمار مع انخفاض نسبة المخاطرة، ومثل هذه الأفكار يجب على المختصين اقتصادياً توعية المتداولين عليها لتجنيبهم ويلات الخسائر.

هذه هي قصة سوق المناخ وهذه هي أسباب الأزمة راجياً أن تكون في سردها مفيدة للمتداولين في سوق الأسهم وأن يستفيدوا من أسبابها تجنباً للأضرار.


الكاتب :- ماجد العسكر

0 التعليقات :

إرسال تعليق